القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفسير سورة الكهف
32731 مشاهدة
حالة قوم أصحاب الكهف

ثم ذكروا حالة قومهم، فقالوا: هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً أي: جعلوا مع الله آلهة، وهو دليل على أن أقوامهم مشركون؛ أن أهليهم وأقوامهم مشركون، وأن الله تعالى مَنَّ على هؤلاء الشباب -هؤلاء الفتية- بالإيمان والتوحيد، فأنكروا على قومهم.
وقالوا: هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ أي: ليس عندهم سلطان، والدليل على أن ما هم عليه حق، أي: من الشرك أو من اتخاذ الآلهة والأنداد التي يعبدونها مع الله. ليس عندهم سلطان يحتجون به. أخبر الله تعالى عنهم بهذه المقالة؛ ليدل على أنهم على التوحيد، يعني: التوحيد الصحيح، التوحيد الصادق.
هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ أي: لا أحد أظلم: مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أخبر بأنهم ذكروا أن من افترى على الله كذبا، وأشرك مع الله، ودعا معه آلهة أخرى؛ فإنه أظلم الظلمة فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا .
ثم يقول تعالى: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ أي: كأنه خطاب من بعضهم لبعض. أي: اذكروا؛ يُذَكِّرون بعضهم؛ إذ اعتزلتم قومكم، واعتزلتم ما يعبدون.
إِلَّا اللَّهَ ما اعتزلتموه. أي: اعتزلتموهم واعتزلتم عباداتهم كلها إلا الله وحده، فتمسكتم بعبادته. وهذا دليل على أن قومهم كسائر المشركين: يعبدون الله، ويعبدون معه غيره ، وهذا معنى الشرك؛ عبادة الله، وعبادة غيره.